لطالما تردد على أذهاننا عبارة أن وجبة الإفطار هي الوجبة الأساسية
لنا خلال اليوم وأن تركها له تأثير سلبي على صحتنا، فما مدى مصداقية هذا القول وهل
فعلاً نحن مخطئون بتركها وإهمالها..
سنتعرف بمقال اليوم عن أهمية وجبة الإفطار ومدى تأثيرها على صحتنا
ونشاطنا اليومي وما علاقة إهمالها بزيادة الوزن أو إنقاصه.
وجبة الإفطار والتمثيل الغذائي:
بداية سنتحدث عن تأثير وجبة الإفطار على ما يسمى بالتمثيل الغذائي
ومعدل الاستقلاب ومدى تأثير ذلك على حياتنا وأنشطتنا اليومية.
حيث خلصت العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن تناول وجبة
إفطار غنية بالعناصر الغذائية يضبط عمل الجسم والتمثيل الغذائي بشكل أفضل وخاصة
عندما تكون بوقت مبكر لأن تأخير الوجبة قد يكون له علاقة بارتفاع نسبة البدانة
واحتمالية الإصابة بالسكري على المدى الطويل.
فكما أن تناول وجبة الإفطار يسهم بزيادة الشعور بالشبع فهو يزيد من
فعالية تأثير الأنسولين على الوجبات التي يتم تناولها لاحقاً. خاصة عندما تحتوي
الوجبة على عناصر غذائية صحية متنوعة كالكربوهيدرات، البروتين ،الفيتامينات
بالإضافة إلى الألياف.
حيث أثبتت دراسات تم إجراؤها على مجموعة من مرضى السكرى أن من
يتجاهلون تناول وجبة الإفطار ترتفع مستويات السكر لديهم بعد تناول الوجبات الأخرى
خلال اليوم.
كما أثبتت دراسات تم تطبيقها على يافعين في بريطانيا أن مستويات
المعادن والفيتامينات تكون بمعدلات أفضل في تحاليل أولئك الذين يواظبون على تناول
إفطارهم، مقارنة بمن يلغون وجباتهم اليومية على الدوام.
ومما لا شك فيه أن إهمال تناول كمية جيدة من الطعام ينعكس على تحسين
أداء وظائف الجسم كافة سواء البدنية منها أو القدرات المعرفية، وهذا لما يتطلبه
الجسم من طاقة. فالإفطار المبكر هو بمثابة شحن طاقة للجسم ليغدو قادراً على أداء
كافة المهام الجسدية والعقلية على مدار اليوم وبكفاءة عالية.
أهمية تناول الإفطار لتعزيز القدرات المعرفية
مما لا شك فيه أن الامتناع عن الطعام لفترات طويلة وخاصة أثناء النوم
له تأثير على طاقة الجسم عموماً والتركيز خصوصاً،
فلذلك لا بد أن نبدأ بتناول وجبة غنية بالمكونات اللازمة لنبدا يومنا
بكامل النشاط والتركيز، فالأداء العام لنا سواء كان بدنياً أو ذهنيا لن يكون بنفس
الكفاءة في حال كان جسدنا بحاجة للعناصر الغذائية اللازمة.
كما وأن الإنتاج والإنجاز لن يكون بنفس السوية بالطبع، والواجب
التركيز عليه هو نوعية الأطعمة والحرص على كونها غنية فعلاً بالحد الأدنى من
العناصر الهامة للجسم كالأحماض الدهنية الأوميغا 3 ، البروتينات، السكريات،
الكربوهيدرات المعقدة(كالقمح الكامل والشوفان) بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات
المتنوعة والتي تعد الأساس لصحة الدماغ.كما يجب الحرص على عدم الإكثار من أحد العناصر
على حساب العناصر الأخرى تجنبا لزيادة الوزن .
مع التأكد من تجنب تناول الأطعمة المصنعة التي تحتوي نسب عالية من
السكر والدهون كبعض حبوب الإفطار والتي يفضلها الكثير من الأطفال،
ويجب محاولة استبدال هذه الوجبات بأخرى ذات كميات أقل من
الكربوهيدرات المكررة مع محاولة تجنب المشروبات الغازية نظراً لاحتوائها على
سكريات عالية وتعطي طاقة مؤقتة والاعتماد على العصائر الطبيعية الموجودة بالفواكه
الطازجة لما تمد به الجسم من طاقة ونشاط تستمر لوقت أطول.
الإفطار والنشاط البدني
فكما أن الغذاء هو وقود الجسم فإن القيام بأي من النشاطات البدنية أو
الذهنية وطاقة الجسم عموماً سيتأثر حتما بنقصان كمية الطعام وسنشعر بالتعب
والإرهاق لمجرد القيام بأقل عمل .
فأداء الجسم وقيامه بمهامه المعتادة يحتاج لمستوى معين أو نسب وحصص
معينة من المواد والعناصر سواء كانت كربوهيدرات، معادن ،فيتامينات وحتى الدهون.
كما أن بناء الخلايا وعملها بالشكل اللازم يحتاج بالطبع لتوفر كافة
العناصر اللازمة لضمان أداء العمل والوظائف الخاصة بها بالشكل الأمثل بما يحافظ
على الصحة واللياقة البدنية بالمستوى الأمثل.
الإفطار وعلاقته بإنقاص الوزن؟
كون وجبة الإفطار مرتبطة بتنظيم مستويات السكر في الجسم، فإن معدلات
الاستقلاب و التمثيل الغذائي ستجري بفاعلية أكبر وذلك لأن مستويات الأنسولين ستكون
منظمة بشكل أكبر. وهدا بالطبع سينعكس على الإحساس بالشعور بالجوع أو الشبع،
وبالتالي ستكون الشهية بمعدلها الطبيعي الذي يلبي حاجة الجسم من الغذاء.
حيث أشارت بعض الدراسات أيضاً لوجود علاقة بين زيادة الوزن وإهمال
تناول الإفطار وذلك ان الجسم يتطلب مستويات أكثر من السكر وسيتم تعويضها بوجبات
أكثر على مدار اليوم نتيجة الشعور بالجوع الزائد بداية اليوم ومحاولة وتعويضه
بوجبات أكثر.
فوجبة الإفطار تمكن الجسم من المحافظة على مستويات السكر في الدم
بالشكل الطبيعي وحرق السعرات الحرارية بمعدلاتها الطبيعية بما يحافظ على لياقة
الجسم وصحته العامة.
لكن نتيجة بعض الدراسات الأخرى أثبتت عدم التأكد من علاقة وجبة
الإفطار بإنقاص الوزن وإنما بالعادات الصحية للأشخاص وطبيعة حياتهم بالإضافة
لنوعية الغذاء الذي يتناولونه والنشاطات البدنية التي يقومون بها وهل هم ممارسين
للرياضة أم لا.
فحسب نتائج الدرسات تبين أن الأشخاص المعتادين على "عدم"
تناول وجبة الإفطار فقدوا بعض الوزن الزائد عندما بدؤوا يتناولون الوجبة مقارنة
بالوزن الذي تم فقدانه أثناء الامتناع عن تناول الإفطار.
وبالعكس فإن الأشخاص المعتادين على "تناول" وجبة الإفطار
فقدوا وزناً أكثر عندما امتنعوا عن الطعام مقارنة بالوزن الذي فقدوه أثناء مواصلة
تناول وجبتهم.
فزيادة الوزن ليست مرتبطة بوجبة الإفطار بحد ذاتها وإنما بطبيعة الأجسام
والنشاطات البدنية المختلفة لأصحابها.
حديثنا اليوم عن علاقة وجبة الإفطار بالصحة العامة لا يلغي أهمية
تناول بقية الوجبات وبشكل معتدل لأن الاتزان بكل شيء هو جوهر الحياة
فقد تختلف حاجات كل جسم عن الآخر لكن يبقى الاهتمام بالصحة البدنية
هو أمر واجب علينا لننعم بحياة صحية قادين فيها على أداء كافة نشاطاتنا وأعمالنا
بشكل أفضل. فكما يقال أن العقل السليم بالجسم السليم ..
تعليقات
إرسال تعليق